Sunday, November 26, 2017

وعين نجمك لا تخون

Image result for blood spotارتفع جسدي عن الارض قليلا ليلحق بروحي وشيء ما لا اراه يعتسر عنقي حتى جحظت عيناي وانا اردد المعوذتين والشهادة واستعد الي مفارقة الحياة ...

ثم انتفض جسدي فجأه جالسا و تنهدت بشده وانا استرجع انفاسي واحمد الله انه لم يكن سوى كابوس. استمر بي الحال بضع دقائق وانا علي هذا الوضع محاولا استجماع قواي حتي شعرت بألم بسيط في عيني اليسرى، اقتربت من المرآه لاجد بقعه حمراء تلطخ بياض عيني .. يبدو اني اصبت عيني وانا نائم دون ان اشعر.

اطلت النظر الي هذه البقعة،  فبدأ شريطا من احداث هذا اليوم يمر امام عيني ليذكرني بكابوس اخر اتمني ان استيقظ منه. تذكرت وجه احد رجال الامن بعد ان استوقف الحافلة التي تقلني مع عددا من الطلاب والعاملين بالجامعة وهي تمر علي احد الكمائن في الطريق الدولي المتجه الي العريش. صعد الي الحافلة ونظر الينا في تجهم وقال بصوت حاد:(كل الناس ترفع وشها وتبصلي هنا).

 ظننت في البداية انه يبحث عن شخصا ما. قطع ظني وهو ينظر الى السائق قائلا بنفس درجة الصوت: (انت عارف يا اسطى كل الكماين الموجودة علي الطريق كويس). اجابه السائق بنعم، فاستطرد قائلا: (لو قابلك اي كمين جديد اوعى تقف ودوس بنزين وعديه).

ثم انحرف بوجهه في اتجاهنا وقال: (في مسجد في بير العبد طلع عليه مسلحين ودبحوا كل الي موجودين فيه، خدوا بالكوا كويس ... يلا مع السلامة ... ! )

لحظات من الشهيق تتبعها همهمات مخلوطة بعبارات ساخرة تخفي مشاعر الخوف التي تتردد في جنبات الحافلة. بدا على السائق ومشرف الحافلة الخوف و قرروا الاتصال بالإدارة لمراجعة الموقف واتخاذ قرار بشأن استكمال الرحلة او العودة  ..  وحتى وصول الرد، انتظرت الحافلة في احد الاستراحات الموجودة علي الطريق.

تعلق نظري علي الطريق وانا اتابع عشرات من سيارات الاسعاف المسرعة ذهابا وايابا. استمر هذه الامر لما يقرب الساعة حتى جاءنا الرد بمتابعة الرحلة بعد ان اعيد فتح الطريق. اخذ عقلي يدور في حلقات محاولا فهم ما يحدث وهو ينسج مجموعه من الافكار حتى اقتربت الحافلة من مستشفى بئر العبد التي غطى ساحتها المئات من الأهالي التي ملئت جنبات الطريق واعتلت سور المستشفى. وما ان اقتربت الحافلة لتمر من خلال هذا الحشد حتى انقبض قلبي تعتسره نظرات الاسى التي تغطي وجه احد الاطفال الموجودين في صندوق سيارة نصف نقل وهو يضع يد علي رأسه والاخرى ممسكة بطرف بطانية تغطى احد الجسامين التي تمكث بجواره.

مزيج من الخوف والحيرة ينتابني .. هل هناك جنسا اخر يستطيع ان يفعل هذا بإنسان؟،  حاولت جاهدا ان اجمع بعض المعطيات التي تبرهن ان هناك اي مكسب يعادل انتزاع روح شخص من احلامه واماله ومحبية ... لماذا ؟!

هززت رأسي بعنف لأقطع هذه الافكار فظهرت البقعة الحمراء التي في عيني مرة اخرى، مسحت علي عيني برفق لعلها تذهب ... لكن يبدوا انها سوف تستمر طويلا.