Saturday, June 15, 2013

رأيت المسلمين

 تنظر إلي في خجل كل مره تأتي لزيارتنا وكأنها تريد ان تبوح لي بشيء، حتى قررت ذات يوم أن تكسر هذا
الجمود وتحول هذه النظرات إلي حديث، فنظرت إلي وقالت:أنا لا أرتدي الحجاب لان في مدينتنا شين جيانج* تمارس السلطات الضغط  للقضاء علي جميع المظاهر الإسلاميه. فينحرم كل من يرتاد المساجد او من ترتدي الحجاب من فرص العمل. ويحظر بيع الكتب الدينيه، ولا نشارك في أي من الشعائر والاحتفالات الدينيه إلا بتصريح مسبق.

صمت حين باغتتني بهذا الحديث ... وللصدق لم اكن مستعد لهذا الحوار. فأستمرت في الكلام وقالت: ماذا تري في هذا الأمر، هل من الواجب إرتداء الحجاب.
كنت لا اريد أن اشق عليها وأشعرها بأنها العاصية التي لا توبة لها خاصة مع الظروف التي تتحدث عنها.   قلت لها: مازال هذا الصراع يدور في بلادي فمن النساء من تركن إلي قول اهل العلم بوجوبه، ومنهن من تركن إلي ما قيل مؤخرا من ان هذا الأمر فضيله وليس بواجب شرعي. وانتقل الحديث إلى الإطار التقليدي حين شرعتُ في التحدث عن اهمية الحجاب والترغيب في الاحتشام للتقرب من الله، وأن الله يبدلنا خيرا  علي ما نتركه في سبيله. و الحقيقه،  لم اكن أشعر بالراحه في كلامي فلابد انها سمعته ألف مره.

كان وقت صلاة العصر، فاستأذنت زوجتي بأن تحضر لها حجاب وإسدال لتقوم إلي الصلاة قبل ان تعود إلي محاضراتها فهي تدرس في نفس الجامعة التي نقيم فيها. وغالبا ما تأتي في هذا الوقت لأداء الصلاة قبل العوده لإستكمال يومها الدراسي.نهضت بدوري للصلاة، وأحسست بأن حديثنا مازال مبتورا وانه يجب أن يكتمل بطريقة أو بأخري. وما ان انتهينا من الصلاة توجهت إليها. قلت لها: ماذا طلبتي من زوجتي قبل ان تبدأي الصلاة؟قالت : طلبت منها حجاب وإسدالقلت لها: وهل يمكن ان تقفي أمام الله بدونهمقالت: لا ادري، ولم يحدث ذلك من قبل فقلت لها مبتسما، لابد ان هذا الامر فيه اجابه كافيه لحديثنابعد أن غادرت،  حمدت الله علي هذه النهاية البسيطة للحوار. 

تأملت قليلا وتهت في عقلي ...  إن بلادنا حرم كبير مهيأ لنسائنا لممارسة عقائدنا بحرية. لكن اكثرهن لم تعد تدري لماذا نمارس هذه العقائد. 
تراها تردد،  الحمد لله، وتقنط من رحمته مع اول مشكله.
وتراها تدافع عن الحجاب، وترتدي اسفل منه "بُدي" أو غيرها من الملابس  التي تشف الجسد.تراها تغرق الفيس بوك بسيل من الحديث عن لذة التقرب من الله وسؤاله العون والسند، وهي لا تقرب الصلاة إلا لقضاء الحاجة.
اما بلادهم فهي سجن كبير ... لا تستدل فيها علي الإسلام إلا في قلوبهم. الله محور تسائلهم في جميع تصرفاتهم. يسيروا وأعينهم معلقة علي السماء.

رأيتها بعد فتره ليست بالقليله، وقد كساها الحجاب وقارا، و اكمل هيبتها ما اسفله من ملابس بسيطه  راقيه، ليست فيها تشدد ولا تفريط ... كأني افاجيء ولأول مره بمعني كلمة اسلام. لم اقصد ان حجابها هو الإسلام. لكنه كان الشعار الذي رفعته للأمتثال لله ومقاومة الشهوات والقيود. تذكرت في هذه اللحظه ما مر علي في غربتي من تجارب وامورا غريبه وعجيبه، لكن كان اغربها شعوري ولأول مره اني رأيت المسلمين.

 ___________
*  شين جيانج: هو اقليم تركستان الشرقية، والذي ضمته الصين إليها بعد انهيار الإتحاد السوفيتي