Sunday, February 17, 2019

لماذا لا نرى الله؟!

لماذا لا نرى الله؟!

 يطاردني هذا السؤال منذ طفولتي وعاد ليطاردني مرة أخرى على لسان صغيري الذي بدأت مداركة في التفتح. الان هو لا يرى أي جدوى للوضوء أو الصلاة وغالبا ما يقوم بهما لتجنب اللوم والتوبيخ!

أحاول أن تكون إجابتي منطقية دائما، لا أدري هل لإقناعه هو أم إقناع نفسي بالطريقة التي اعتاد بها عقلي على فهم الأمور. عادة ما أداعب عقله بالفيزياء واسأله إن كان يرى الهواء الذي يتنفسه أو الجراثيم التي تمرضه؟ إذا فهو نفس الأمر.. فلا تستطيع القدرات الفزيائية الحالية لأعيننا رؤية الله نتيجة لحجمه الهائل والوسط المادي المختلف الموجود فيه.

قد تسكته هذه الإجابات حاليا، لكن ما أخشاه أنه عاجلا أم أجلا سوف ينتبه للسؤال الذي أهرب منه شخصيا ولا أستطيع الإجابة عليه بنفس المنطق المادي. فإذا كان الله هو من خلق أعيينا بهذه القدرات الفزيائية المحدودة فمن المؤكد أنه يستطيع أن يخلقها بقدرات أعلى تمكننا من رؤيته! إذا هذه رغبته.. هو لا يريد أن نراه.. فلماذا؟

لدي شعور دائم بأنني اقتربت من الإجابة، إنها بداخلي لكن لا أستطيع تمييزها.. أشعر انها ترتبط بسؤال اخر وهو.. لماذا خلق الله الأعمى والاطرش والاعرج! لماذا خلق المرض والموت والمعاناة؟ اما اجابتي عن هذا السؤال الأخير فملخصها أن الله خالق ومن الطبيعي ألا يعلم المخلوق سبب خلقه، فلا تعلم الثلاجة لماذا جعلناها تبرد ولا يعلم البوتاجاز لماذا جعلناه يسخن، وكل منا خلق لسبب لا يعلمه الا الله الخالق.

ولكن هل تجيب هذه الإجابة عن السؤال الأساسي.. لماذا لا نرى الله!.. لا اعتقد ذلك. الحقيقة أن الأمر ظل كذلك حتى وصلتني رسالة طيبة تعليقا عن اجابتي السابقة. الرسالة بها محاضرة رائعة بعنوان "ما الهدف من الحياة؟" (the purpose of life?) لعالم رياضيات امريكي اسمه "جيفري لانج" (Jeffrey Lang) ويتحدث فيها عن تحوله للإسلام. لا يمكنني تلخيص إجاباته هنا فقد بناها على سلسلة من الأحداث الشيقة جدا والتي لا يمكن اختزالها هنا في بضع سطور. لكن هذه المحاضرة ايقظت كل حواسي واسترجعت كل ما درسته في السنوات الأخيرة وكل قصص الخيال العلمي المثيرة التي ادهشتني. 

دعنا نبتعد قليلا ونناقش ما الذي يشغل كثيرا من العلماء منذ فترة طويله وخاصة علماء الكمبيوتر!.. نعم إنه الذكاء الصناعي. يتسابق ألاف العلماء كل يوم في محاولة لبناء نموذج يحاكي العقل البشري او بمعنى ادق ليحاكي الروح. استطاعوا بالفعل بناء بعض النماذج والتي برمجوها أو لقموها بالأسئلة والاجابات ولكنهم ظلوا عاجزين عن بناء ذلك النموذج الذي يستطيع ابتكار إجابة لم يتم برمجتها بداخله من قبل، هذا ما يسرق الألباب حقا في كثيرا من أفلام الخيال العلمي مثل "i, robot" وغيرها.

لنعود الأن لإجابة السؤال الأساسي.. لماذا لا نرى الله!. يستشهد جيفري لانج في محاضرته بالآية الكريمة التي يقول فيها الله تعالى: "قال يا ادم أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم، قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون". ويخلص من هذه الآية بأن الله تجلى في قدرته وأعطى لأدم الإدراك، وهو القدرة على تحصيل العلم، والحرية في تسخيره للخير أو الشر. وهنا انتبهت.. 

 فإذا كانت لدينا القدرة على رؤية الله، فسوف نفقد أهم أعمدة الإختيار وهي الحرية، تخيل تصرفاتك في العمل في وجود مديرك أو في الشارع امام الناس وقارنها بتصرفاتك في غرفتك عندما لا يراك أحدا. سوف نتحول مباشرة إلى ملائكة او روبوتات لا يمكنها تنفيذ الا ما تم برمجتها للقيام به، وهنا يفقد الانسان أعظم تجليات الله في خلقة.. الإدراك.. الإختيار.. الحرية.. الحياة.

هذا والله اعلم!

Sunday, November 26, 2017

وعين نجمك لا تخون

Image result for blood spotارتفع جسدي عن الارض قليلا ليلحق بروحي وشيء ما لا اراه يعتسر عنقي حتى جحظت عيناي وانا اردد المعوذتين والشهادة واستعد الي مفارقة الحياة ...

ثم انتفض جسدي فجأه جالسا و تنهدت بشده وانا استرجع انفاسي واحمد الله انه لم يكن سوى كابوس. استمر بي الحال بضع دقائق وانا علي هذا الوضع محاولا استجماع قواي حتي شعرت بألم بسيط في عيني اليسرى، اقتربت من المرآه لاجد بقعه حمراء تلطخ بياض عيني .. يبدو اني اصبت عيني وانا نائم دون ان اشعر.

اطلت النظر الي هذه البقعة،  فبدأ شريطا من احداث هذا اليوم يمر امام عيني ليذكرني بكابوس اخر اتمني ان استيقظ منه. تذكرت وجه احد رجال الامن بعد ان استوقف الحافلة التي تقلني مع عددا من الطلاب والعاملين بالجامعة وهي تمر علي احد الكمائن في الطريق الدولي المتجه الي العريش. صعد الي الحافلة ونظر الينا في تجهم وقال بصوت حاد:(كل الناس ترفع وشها وتبصلي هنا).

 ظننت في البداية انه يبحث عن شخصا ما. قطع ظني وهو ينظر الى السائق قائلا بنفس درجة الصوت: (انت عارف يا اسطى كل الكماين الموجودة علي الطريق كويس). اجابه السائق بنعم، فاستطرد قائلا: (لو قابلك اي كمين جديد اوعى تقف ودوس بنزين وعديه).

ثم انحرف بوجهه في اتجاهنا وقال: (في مسجد في بير العبد طلع عليه مسلحين ودبحوا كل الي موجودين فيه، خدوا بالكوا كويس ... يلا مع السلامة ... ! )

لحظات من الشهيق تتبعها همهمات مخلوطة بعبارات ساخرة تخفي مشاعر الخوف التي تتردد في جنبات الحافلة. بدا على السائق ومشرف الحافلة الخوف و قرروا الاتصال بالإدارة لمراجعة الموقف واتخاذ قرار بشأن استكمال الرحلة او العودة  ..  وحتى وصول الرد، انتظرت الحافلة في احد الاستراحات الموجودة علي الطريق.

تعلق نظري علي الطريق وانا اتابع عشرات من سيارات الاسعاف المسرعة ذهابا وايابا. استمر هذه الامر لما يقرب الساعة حتى جاءنا الرد بمتابعة الرحلة بعد ان اعيد فتح الطريق. اخذ عقلي يدور في حلقات محاولا فهم ما يحدث وهو ينسج مجموعه من الافكار حتى اقتربت الحافلة من مستشفى بئر العبد التي غطى ساحتها المئات من الأهالي التي ملئت جنبات الطريق واعتلت سور المستشفى. وما ان اقتربت الحافلة لتمر من خلال هذا الحشد حتى انقبض قلبي تعتسره نظرات الاسى التي تغطي وجه احد الاطفال الموجودين في صندوق سيارة نصف نقل وهو يضع يد علي رأسه والاخرى ممسكة بطرف بطانية تغطى احد الجسامين التي تمكث بجواره.

مزيج من الخوف والحيرة ينتابني .. هل هناك جنسا اخر يستطيع ان يفعل هذا بإنسان؟،  حاولت جاهدا ان اجمع بعض المعطيات التي تبرهن ان هناك اي مكسب يعادل انتزاع روح شخص من احلامه واماله ومحبية ... لماذا ؟!

هززت رأسي بعنف لأقطع هذه الافكار فظهرت البقعة الحمراء التي في عيني مرة اخرى، مسحت علي عيني برفق لعلها تذهب ... لكن يبدوا انها سوف تستمر طويلا.

Tuesday, April 25, 2017

ومازلنا نرقص


وصلنا الي الجزء الذي سرق فيه الثعلب الماكر والقط اموال بينوكيو، ولا ادرى هل يجب ان العنهم امام ابني الان بجميع الالفاظ النابية التي نتنفسها في الهواء يوميا أم انتظر قليلا حتي يتعود عليها بنفسه عاجلا أم اجلا؟. 

حقا لا استطيع مقاومة التلفظ بها امامه لكن اخشى ان يظنها من المفردات المقررة عليه مع هذه القصة في المستوى الرفيع لمادة اللغة الإنجليزية.

انا في ورطة الان .. انظر في عينيه واتذكر الاشارات البذيئة التي اشار لي بها حرامي في صباح هذه اليوم وهو يفر هاربا بعربة كارو يجرها حصان بعد أن سرق ماسورة الصرف الصحي لاحد العمارات المجاورة وترك السكان ينفسون عن غضبهم في الخلاء. 

هل تظن انني غاضب من هذه الاشارات البذيئة، كلا .. بالمرة. ما يغضبني حقا اني قلت له بصوت عالي بعد ان بعدت المسافة بيني وبينه "الا يجب ان تستأذن قبل ان تأخذ أي شيء؟" .. لم ارى ملامح وجهه لأعرف هل قتلته ضحكا بهذا السؤال ام انه اكتفي بهذه الإشارة حتى ينبهني انه لم يكن يجمع زجاجات البلاستيك كما ظننت. اقتربت اكثر من مواسير الصرف لأجد انه قام بكسر وسرقة ماسورة صرف صحي طولها ثلاث امتار .. اقتنعت وقتها أن عقلي بخير، فمن المستحيل ان يتصور أي عقل أننا وصلنا إلى الحالة التي يسرق فيها الناس مواسير الصرف الصحي "البلاستيكية". اخذت اتجول في المكان باحثا عن الكارو وعقلي يتسائل ماذا لو وجدتها!، لم يكن باليد حيلة إلا أن عدت وقدمت بلاغ للشرطة تليفونيا. 

انظر الان في كلمات قصة بينوكيو ورسوماتها المبهرة علي صفحات من الورق الفاخر، وعقلي يسترجع ما حدث منذ عدة شهور عندما استطاع شباب "الحته" تثبيت حرامي موتسكلات في بداية الاربعينات ومعه ابنه الذي اقترب من العشرين عاما وقاموا بسحلهم وشبحهم وربط الاب علي احد عمدان الانارة وطلبوا من ابنه ان يلطمه، لم يستطيع الولد رفض طلبهم تحت وطأة التعذيب فأخذ يلطم ابيه وانا لا اصدق عيناي التي ايقظتهما صيحات الاحداث.

اندفعت دون تفكير بعد تحريض الانسانية مصطحبا معي بخاخ من المطهر ولفة قطن محاولا ان ارسل الشباب بعيدا عنهم. قاومني بعضا ممن لم يتعرف علي من الشباب، إلا انه توقف عن المقاومة بعد أن عرفهم بي اخرين ليدركوا أنى من ابناء الحته الذين ضلوا طريقهم في الحياه. ضحكوا كثيرا عندما رأوا بخاخ المطهر في يدي، لا اعرف هل بسبب شكل عبوة المطهر الفاخرة ام بسبب ادراكهم انني سوف افشل في التعرف علي اماكن الجروح بعد ان كست الدماء جميع ملامح وجه الحرامي شديد السمرة، ام بسبب محاولتي اقناعهم بتسليمة للشرطة والتوقف عن متابعة أفلام السبكي التي دمرت ملامح الانسانية بداخلهم.

اعود لأقلب في صفحات بينوكيو وداخلي مشاعر وافكار متضاربة حول ما حدث مع السارقين، وحول طرق التصرف معهم و لا ادري كيف اقوم بتوضيح اي منهم لابني. بل لا ادري كيف افسر له عدم ذهابي لعملي اليومين القادمين، او حتى عدم القدرة علي دفع فاتورة التليفون بعد ان اغلق السنترال المقابل لاحد الشوارع الرئيسية التي تم رصفها وازالة المطبات بها لثالث مره في عامين فقط وتغطيها بالحراسات المكثفه والطائرات من أجل استقبال شخصا واحد او بضعة أشخاص.

هل اخبره صراحة بان ظاهرة التكيف والتطور لن تسمح قريبا إلا لنوعين من البشر بالتواجد في طابقين مختلفين يؤدي امثالنا رقصتهم الاخيرة حاليا علي سلم بينهما في انتظارالانقراض، ام اكمل معه قصة بينوكيو !

Monday, February 20, 2017

بدون أنياب

هل تشعر بتباطؤ أنفاسك مؤخرا؟ لا تنزعج كثيرا فلدي نفس الاعراض. أظن أن الأمر لا يتعلق برئتيك، انما يرتبط بترقبك وخوفك من أن يحدث أسوأ مما تعيشه. تكتم انفاسك وانت تسأل عن أسعار بعض السلع التي أعتدت عليها. وتكتمها مرة أخرى كلما رن هاتفك ، ثم تعود وتكتمها مرات كثيره عندما تتحدث مع الأخرين خوفا من ان يحدث بينكم شجار قد تظل عدة ايام لا تعرف اسبابه.


الاحظ ان انفاسك بدأت في التباطؤ الان وعيناك تسرع إلي نهاية هذه السطور! .... استرح فورا.

 كل ما اردته هو اطلاعك علي بعض الأعراض اللاحقة حتي تستعد إليها. في البداية سوف تتوقف في الدخول في اي جدال او شجار أو حتى نقاش مع اي شخص بمجرد ما تتأمل حركة صدره وتدرك انه لديه نفس الأعراض.
سوف تثور بعد ذلك عندما تعلم ان هناك اخرون لديهم حصانه ضد هذه الأعراض ويعيشون علي تصدير اسبابها للآخرين لتزداد مناعتهم. بعدها تهدأ قليلا وتحاول أقناع نفسك الثائرة بأن ما تبقى من عمرك لا يستحق كل هذا العناء، وانك لا تستوعب كيف لأمثالهم أن يناموا بدماء بارده وسط هموم الأخرين. 

قد يكون كل ما سبق صحيح، لكن دعني اخبرك بما يحاول ان يتجنبه عقلك جاهدا،قد تتحسس انيابك في بعض الاحيان لعلك تغدوا مثلهم، لكن للأسف امثالنا لا يستطيعوا العيش إلا ..  بدون أنياب.

Wednesday, November 9, 2016

على مد البصر




إذا إعتقدت أن السطور التالية تتحدث عن مجموعه من الأشجارفقط، فأرجو قراءتها مرة أخرى.

مر عام كامل  سألني فيه الكثير "لماذا كبدت نفسك هذا العناء؟!"،  وكانت إجاباتي ليست مقنعة حتى بالنسبة لي.


 كان يسألني احدهم "لماذا زرعت هذه الملكية العامة؟!" ، وكانت ردودي  تنحصر عادة بين: لأن احدا لم يفعل ذلك منذ ستة وعشرون عام، أو لأنني احب الطبيعة، أو ليراها أبني في المستقبل، أو لعدم استطاعتي التوقف عن استكمال شيئا قد بدأت فيه.

لكن الاجابة الحقيقية كانت تترقرق فوق امواج افكاري و يمنعني تصارعها من الرؤيه بوضوح. إنه خوفي من الزمان. استحالة قدرتي علي العودة به لأمحوكل ما يؤلمني، والذي جعلني افكر دائما في أن أحاول تغيير المستقبل قبل أن أصل إليه. خوفي أن تمر ثلاثة أعوام اخرى .. أنظر لهذا المكان واندم أنني لو كنت زرعته عندما فكرت في ذلك لطالت الأشجارعنان السماء الان.

كنت اتعجب لماذا انشغل كثيرا من العلماء والكتاب بالبحث عن طريقة للتحكم بالزمان. لكن يبدوا انهم مروا بلحظات مماثله أدركوا فيها أنه صديقهم اللدود. عدوهم الذي لا يتوقعون قدومه،  وصديقهم الذي لا يستطيعون دعوته مرة أخرى وليس بيدهم غير الأعداد له علي امل أن يعود.

اتذكر جميع الأيام التي مرت علي بين جنبات هذه الحديقة،  أدرس وأقيس وأزرع الأشجار. اتذكر كيف كنت اقضى اكثر من ثلاث ساعات في كل مرة احاول أن اروي فيها الأشجار بزوج من الخراطيم، واتذكر كيف حولتها إلي شبكة ري لاستحالة تكرار ذلك يوميا خلال شهور الصيف.

الان وبعد عام، اقف بين هذه الأشجار وقد اصبح المستقبل الذي تطلعت إليه من الماضي ..  لكنه ماضي لا أندم عليه.



Tuesday, September 20, 2016

فقط .. لا شيء

"النجاح ليس نتيجة حتمية لافعالنا، في بعض الأحيان النجاح يحدث فقط"، دوت هذه الجملة في أذني عندما باغتني بها الممثل الهندي "شاه روخ خان" في محاضرة شرفية له في جامعة يال، بعد أن اعتادت اصابعي ان تتصرف تلقائيا لإغلاق اي شيء يطل علي منه.


استمرت هذه الكلماتها تتراقص في عقلي على اللحن الهادئ الذي تعزفه حياة العالم الانجليزي "ستيفن هوكنج" عندما كنت اتصفح سيرته. هذا الإنسان العجيب الغريب الذي اخذت كل عضلات جسدة في الدمور تدريجيا في ريعان شبابه ليفقد معها كل صيغ الحياة البشرية و انتهي علي كرسي متحرك فاقدا حتى للنطق. الف خلال هذه الرحلة الشاقة 15 كتابا وكثيرا غيرها من الابحاث. هل كان ذلك نتيجة اجتهاده وعدم يأسه؟ .. ربما!
لكن هذا لا يفسر كيف وقعت في حبه امرأتان احداهما لم تسمع صوته قط، هكذا ودون أي أسباب. قد تكون هذه رسالة يثبت بها الله وجوده وقدرته له رغم هذا الإبتلاء العظيم ليغير رأيه في الإلحاد بعد أن كانت قوانين الفيزياء فقط هي ما تدير عقلة.
هذا هو الحال في كثير من أمور الحياة، فهناك عوامل أخرى لا نعرف عنها شيء ولا نستطيع أن نتوقعها ولن نقدر علي ان نتوقف كثيرا لنحسبها أو نحاسبها، فكل ما ندركة عن الزمن حتى الأن انه يتحرك فقط .. للامام.
لا اريد أن افتر همتك، فهذه ليست دعوة للكسل وكما يقول هوكنج "مهما كانت الحياة سيئة، هناك دائما شيئا تستطيع النجاح به"، و لا اريد أيضا ان اثير حفيزة الأجتهاد لديك، كل ما اردته هو ان ترتاح روحك الثائرة،  وتتذكر انه في بعض الأحيان ليس عليك أن تفعل شيء.

Friday, September 16, 2016

آمال قاتله

في رواية Schindler's Ark  والتي تحولت لاحقا لفلم باسم Schindler’s list  وكانت تحكي احداثا واقعيه عن رجل الأعمال النازي   Oscar Schindler  والذي انقذ ما يقرب من  1500 روح من القتل،  لفت نظري مشهد عجيب.

 ففي احدى الليالي داخل معسكر الماني في بولندا المحتلة في ذلك الوقت والذي يديره سفاح يسمي Amon Göth كانت النساء اليهوديات يحاولن التسامر في عنبر الاحتجاز لعل النوم يستطيع التغلب علي معاناتهن اليومية. فبدأت احداهن تقص قصة سمعتها عن ما يحدث لليهود ببرلين وكانت مضمون قصتها ان الالمان كانوا يجمعون اليهود ويقوموا بخداعهم  لدخول بعض الغرف التي تغلق عليهم فيقوم الالمان بتجربة بعض الغازات السامة ليختنق الجميع ويموتوا في دقائق معدودة. 

العجيب في المشهد كان رد فعل باقي المستمعات بالرفض القاطع لهذه القصة رغم حوادث القتل التي يرونها بأعينهن يوميا داخل المعسكر لأسباب تفاهة او حتي بدون اسباب، ورغم ذلك بدأوا بطمأنة انفسهن والاخريات  قائلات: من المستحيل ان يقوم الألمان بذلك فنحن قوتهم العاملة، فما الدافع وراء ذلك؟!. 

علي مدار السنوات القليلة الماضيه لم يكن داخلي تفسير لقبول بعض الناس واقع الظلم المريرغير النفاق او ما يوازيه من كلمات نطلقها بلهجتنا العامية، حتي جاء هذا المشهد بتفسير دقيق، فالخوف يستطيع ان يعطي أمل كاذب للمظلوم في ظالمه حتي وان قتل جميع من حوله امام عينه.


بقى أن اشير، انه في صباح اليوم التالي، انطلقت ابواق المعسكر وهرول الجنود لجمع الأطفال والمسنين في العربات لنقلهم إلي مكان ما لإجراء تجارب جديدة.