Tuesday, April 25, 2017

ومازلنا نرقص


وصلنا الي الجزء الذي سرق فيه الثعلب الماكر والقط اموال بينوكيو، ولا ادرى هل يجب ان العنهم امام ابني الان بجميع الالفاظ النابية التي نتنفسها في الهواء يوميا أم انتظر قليلا حتي يتعود عليها بنفسه عاجلا أم اجلا؟. 

حقا لا استطيع مقاومة التلفظ بها امامه لكن اخشى ان يظنها من المفردات المقررة عليه مع هذه القصة في المستوى الرفيع لمادة اللغة الإنجليزية.

انا في ورطة الان .. انظر في عينيه واتذكر الاشارات البذيئة التي اشار لي بها حرامي في صباح هذه اليوم وهو يفر هاربا بعربة كارو يجرها حصان بعد أن سرق ماسورة الصرف الصحي لاحد العمارات المجاورة وترك السكان ينفسون عن غضبهم في الخلاء. 

هل تظن انني غاضب من هذه الاشارات البذيئة، كلا .. بالمرة. ما يغضبني حقا اني قلت له بصوت عالي بعد ان بعدت المسافة بيني وبينه "الا يجب ان تستأذن قبل ان تأخذ أي شيء؟" .. لم ارى ملامح وجهه لأعرف هل قتلته ضحكا بهذا السؤال ام انه اكتفي بهذه الإشارة حتى ينبهني انه لم يكن يجمع زجاجات البلاستيك كما ظننت. اقتربت اكثر من مواسير الصرف لأجد انه قام بكسر وسرقة ماسورة صرف صحي طولها ثلاث امتار .. اقتنعت وقتها أن عقلي بخير، فمن المستحيل ان يتصور أي عقل أننا وصلنا إلى الحالة التي يسرق فيها الناس مواسير الصرف الصحي "البلاستيكية". اخذت اتجول في المكان باحثا عن الكارو وعقلي يتسائل ماذا لو وجدتها!، لم يكن باليد حيلة إلا أن عدت وقدمت بلاغ للشرطة تليفونيا. 

انظر الان في كلمات قصة بينوكيو ورسوماتها المبهرة علي صفحات من الورق الفاخر، وعقلي يسترجع ما حدث منذ عدة شهور عندما استطاع شباب "الحته" تثبيت حرامي موتسكلات في بداية الاربعينات ومعه ابنه الذي اقترب من العشرين عاما وقاموا بسحلهم وشبحهم وربط الاب علي احد عمدان الانارة وطلبوا من ابنه ان يلطمه، لم يستطيع الولد رفض طلبهم تحت وطأة التعذيب فأخذ يلطم ابيه وانا لا اصدق عيناي التي ايقظتهما صيحات الاحداث.

اندفعت دون تفكير بعد تحريض الانسانية مصطحبا معي بخاخ من المطهر ولفة قطن محاولا ان ارسل الشباب بعيدا عنهم. قاومني بعضا ممن لم يتعرف علي من الشباب، إلا انه توقف عن المقاومة بعد أن عرفهم بي اخرين ليدركوا أنى من ابناء الحته الذين ضلوا طريقهم في الحياه. ضحكوا كثيرا عندما رأوا بخاخ المطهر في يدي، لا اعرف هل بسبب شكل عبوة المطهر الفاخرة ام بسبب ادراكهم انني سوف افشل في التعرف علي اماكن الجروح بعد ان كست الدماء جميع ملامح وجه الحرامي شديد السمرة، ام بسبب محاولتي اقناعهم بتسليمة للشرطة والتوقف عن متابعة أفلام السبكي التي دمرت ملامح الانسانية بداخلهم.

اعود لأقلب في صفحات بينوكيو وداخلي مشاعر وافكار متضاربة حول ما حدث مع السارقين، وحول طرق التصرف معهم و لا ادري كيف اقوم بتوضيح اي منهم لابني. بل لا ادري كيف افسر له عدم ذهابي لعملي اليومين القادمين، او حتى عدم القدرة علي دفع فاتورة التليفون بعد ان اغلق السنترال المقابل لاحد الشوارع الرئيسية التي تم رصفها وازالة المطبات بها لثالث مره في عامين فقط وتغطيها بالحراسات المكثفه والطائرات من أجل استقبال شخصا واحد او بضعة أشخاص.

هل اخبره صراحة بان ظاهرة التكيف والتطور لن تسمح قريبا إلا لنوعين من البشر بالتواجد في طابقين مختلفين يؤدي امثالنا رقصتهم الاخيرة حاليا علي سلم بينهما في انتظارالانقراض، ام اكمل معه قصة بينوكيو !

No comments:

Post a Comment