Monday, September 5, 2016

هذا كل ما تبقى !

لا ادري هل أكتب هذه الكلمات لمواساتي ام لمواساة زملائي ام لإخراجها من صدري حتي انفس قليلا عما بداخله قبل ان ينفجر!. اسأل نفسي من بين الحين والأخر لماذا أستمر في السلك الجامعي؟، لقد بدأ هذا السلك في الالتفاف علي الرقاب دون مقابل. ما الذي يدفعني للصبر علي هذا الراتب المتناقص، و الذي يعرض حياتي وحياة ابنائي للخطر في حالة فقدي؟، ما الهدف من الاستمرار وسط منظومة تحارب التعليم، وطلبة لا تبحث عن العلم وليس عندها استعداد للانتباه اما لفقد الثقة في التعليم او المعلم أو لفقد الاخلاق في مراحل سابقة. 


وبينما تعصف هذه الأسئلة بذهني، خطف انتباهي فلم امريكي كان يعرض باسم " رجال الشركة - The Company Men "  لا استطيع حصر المشاهد المؤثرة التي يمكن الوقوف عليها في هذا الفلم، والذي يناقش كيف خسر الالاف وظائفهم اثناء الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008 وتبدلت بهم الاحوال من القصور و السيارات والمكاتب الفخمة إلي الشغل كعمال في الفاعل. هناك العشرات من العبر في هذا الفلم، لكن خلاصتها كانت الإحساس بالحرية.

الحرية هي المحفز الوحيد الذي يتبقى منه بعض الأثر لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية، نعم لقد اساء الكثير من ضعاف النفوس منهم استخدامها وسط هذه المنظومة الفاشلة في العقود الماضية غالبا ليستطيع التمسك بمستوى اجتماعي معين كما يظن. لكنها ابقت عضو هيئة التدريس متشبثا بأعمدة التعليم العالي المتمايلة والتي تكاد تهوي لتلحق بمنظومة التعليم الاساسي بعد ان اهين المدرس بها في كل صوب وحين حتي اصبحت وظيفته مجرد غطاء اجتماعي لوظيفه اخري يعيش منها فهناك مدرس كهربائي، ومدرس سباك وغيره.

هذه الحرية ايضا هي التي تبقي ضمير عضو هيئة التدريس نابضا حين يشارك في وضع منهجه وامتحانه علي مقدار ما قام فعليا بشرحه وعلي قدرة الطلبة امامه، والذي يعطية القوة والمرونه ليوازن بين كونه حكم وجلاد إذا اقتضى الأمر ليحافظ علي ثوب العلم الاساسي المصنوع من الأخلاق والمطرز بالرحمة ويفرق بينه وبين الالات التي يدار بها التعليم الأساسي.

لا يحتاج المعلم او البحث العلمي لمزيد من الرقابة والتقارير وإشغاله بكثير من الأعمال الإدارية وقد عاصرنا ذلك بأنفسنا ونرى النتيجة اليوم، كل ما يحتاجه هو توفير بيئة اجتماعية جيدة لا ينشغل فيها المعلم بالمسكن والمأكل والملبس أو بسعيه الدائم لضمان حياة كريمة لعائلته. 

أما إذا استمر السوس الحالي في النخر في هذه الأعمدة، سوف تتهاوى علي حرية وهيبة عضو هيئة التدريس، وسوف يتفلت المخلص منهم ليشارك في بناء حضارة امم غيرنا، ولن يتبقي لنا في هذه المنظومة غير قليلا من المضطرين، وكثيرا من  الجهلاء والمرتشين والإنتهازيين، والجبناء، ولاعقي الأحذية، ليتم بذلك إزالة العقبة الأخلاقية الوحيدة المتبقية في وجه الفساد الحالي، والتي تعطي علي الأقل بعض الأمل والإيمان في قوة الخير لشباب مقبل علي الإنضمام والمشاركة في المجتمع بعد أن فقدت القدرة علي إمدادهم بالتعليم.

No comments:

Post a Comment